اخبار اوروباهجرة و لجوء

هل تتساهل السلطات السويدية مع ظاهرة زواج المهاجرات القاصرات؟

بلجيكا 24 – مع أزمة اللجوء التي شهدتها القارة الأوروبية على مدى السنوات القليلة الماضية، بدأت بعض الظواهر الاجتماعية الغريبة عن عادات وتقاليد شعوب القارة العجوز بالبروز ومن ضمنها تعدد الزوجات وزواج القاصرات. ففي السويد مثلا، تم التبليغ عن عدد من حالات زواج القاصرات في صفوف اللاجئين. واتهمت السلطات السويدية بعدم القيام بالتساهل تجاه هذه الظاهرة، علما أن السويد لا يسمح للأطفال بإدارة شؤون حياتهم قبل بلوغهم سن الرشد القانوني.

لاجئة قاصرة جاءت إلى السويد مع زوجها وطفلها، أخرى وصلت مع زوجها وهي حامل، فتاة في الـ15 من عمرها حامل في مالمو. أمثلة أخرى عن حالات مماثلة تناولها الإعلام السويدي وتطرقت إليها تقارير المنظمات الاجتماعية والإنسانية التي تعنى بشؤون الأطفال في السويد، ما خلق جدلا في البلاد حيال الإجراءات التي تقوم بها السلطات لمنع مثل هذه الزيجات.

النقاش وصل إلى الأوساط السياسية في البلاد. فوفقا للحزب المحافظ، يجب إنهاء حالات الزواج المماثلة وعلى الدولة وضع تلك الفتيات في منازل رعاية خاصة بالأطفال، أما أزواجهن فيجب إحالتهم إلى مراكز استقبال اللاجئين التابعة لمجلس الهجرة. وشدد سياسيون تابعون لهذا الحزب على أن أي حل مختلف سيعطي الانطباع بأن السويد بدأت تتساهل حيال قضية خطيرة من هذا النوع.

Advertisements

للمزيد: ما هو مستقبل القاصرين الأفغان اللاجئين في السويد؟

بلدية كارلسكرونا جنوب السويد، حيث تم تسجيل بعض حالات زواج القاصرات في صفوف المهاجرين، لم تقم بفصل تلك اللاجئات القاصرات عن أزواجهن. رئيسة اللجنة الاجتماعية في بلدية المدينة إنغريد هيرمانسون، العضو في حزب الوسط، شرحت موقف البلدية من تلك القضايا بقولها “اللجنة الاجتماعية دائما تتصرف وفقا لما تمليه مصلحة الأطفال )اللاجئات القاصرات المتزوجات(“.

وعقب نقاش في المجلس المحلي للمدينة، قالت هيرمانسون لوسائل إعلام محلية “نحن لا نقبل ولا نتسامح حيال مسألة كهذه، إلا أن القانون لدينا ينص على التعامل مع هذه الحالات بشكل فردي. ووفقا للتقييم الذي أجريناه اكتشفنا أنه من مصلحة تلك الفتيات البقاء مع أزواجهن خلال فترة تقديم اللجوء”.

مناشدات المنظمات لمنع زواج القاصرين

وناشدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في الدول الاسكندنافية السلطات بمنع زواج الأطفال الذي “يتعارض مع اتفاقية حقوق الطفل”. في الوقت الذي رأت فيه منظمة “حماية الأطفال” أنه “من المقلق جدا أن يسمح بإسكان زوجات قاصرات مع أزواج يكبرونهن سنا في مراكز استقبال (اللاجئين)”.

للمزيد: فيديو: زيارة لأحد المنازل التي ترعى المهاجرين القاصرين في السويد

ظاهرة مرتبطة بعادات وتقاليد المهاجرين

متولي أبو ناصر، الصحفي والناشط في مجال الدعم النفسي والاجتماعي للمهاجرين في السويد، قال لمهاجر نيوز إن “هذه الظاهرة مرتبطة بالعادات والتقاليد للمهاجرين”. ويضيف متولي “يلجأ المهاجرون عادة إلى التشريعات الدينية لتبرير تلك الحالات، إذ يكفي أن تتفق عائلتان على تزويج أبنائهما لدى شيخ ليصبح الزواج شرعيا بالمفهوم الاجتماعي. لاحقا ينتظر الزوجان إلى أن يصبحا، أو يصبح أحدهما، في السن القانونية ليتم تسجيل الزواج في الدوائر الرسمية للاستفادة من المساعدات الاجتماعية”.

ولا يعتقد الناشط الاجتماعي أن الدولة قادرة على الكشف عن تلك الحالات، “فأغلب حالات زواج القاصرين تتم في أطر المهاجرين العائلية المغلقة، وبالتالي من شبه المستحيل الكشف عنها إلا إذا حصلت حالات حمل وولادة، عندها قد تتحرك الدولة”.

أبعاد ثقافية وأفكار مسبقة

ولا يخفي متولي الأبعاد الثقافية الكامنة وراء ظاهرة تزويج القاصرات والقاصرين والمفاهيم الخاطئة التي يكونها اللاجئون والمهاجرون حيال المجتمعات الأوروبية بالإجمال. ويعزو بعض تلك الزيجات إلى “خوف الأهل من ممارسة أبنائهم للجنس خارج إطار الزواج، فالكثير من اللاجئين والمهاجرين يعتقدون أن ذلك متاح في أوروبا بحرية ويلجؤون إلى تزويج أبنائهم لمنعهم من ممارسته”.

ودعا الصحفي والناشط الاجتماعي الدولة السويدية إلى “إعادة النظر بقانون وبرامج الاندماج المطبقة حاليا”، في الوقت الذي لا يخفي فيه إعجابه بنموذج الدمج السويدي. واعتبر أن على المهاجرين “التخلي عن أفكارهم المسبقة تجاه المجتمعات الأوروبية، وخاصة الجنس، والتركيز على بناء حياة جديدة والعمل على الانفتاح على الآخرين، دون التخلي بطبيعة الحال عن عاداتهم وتقاليدهم”.

للمزيد: اللجوء في السويد خطوة بخطوة

فشل تطبيق القانون

عام 2014، تبنت السويد تشريعا قانونيا عدل بند العقوبات في ما يتعلق بإجبار القاصرين على الزواج، إذ بات يحكم على كل من تثبت عليه تلك التهمة بالسجن أربع سنوات فقط. فتح التعديل السويدي باب الجدل، خاصة بعد أن بينت الأرقام انتشار ظاهرة زواج القصر والزواج القسري بين المراهقين اللاجئين والمقيمين. وتلقت اللجنة الوطنية لمحاربة تزويج الأطفال في السويد بعد شهر من إقرار القانون 504 اتصالات حول زيجات قسرية ودون السن القانونية.

ويشير متابعون لتلك القضية أن ذلك التعديل لم يشكل رادعا كافيا لمحاربة ظاهرة زواج القاصرين. ووفقا لتقرير أصدرته دائرة الهجرة، سجل العام 2016 انتشارا واسعا في تلك الظاهرة في صفوف اللاجئين والمهاجرين الوافدين حديثا إلى السويد.

وكان السويديون قد بدأوا باكتشاف حالات زواج القاصرين عقب موجة اللجوء في عام 2015، إذ وصل إلى البلاد أزواج كثر دون 18 بمفردهم، وتقدم آخرون بطلبات لم شمل للزوج/ة القاصر. وسلطت الإذاعة السويدية حينها الضوء على 70 مراهقا متزوجا وصلوا في خريف 2015، وهؤلاء ما زالوا حتى اليوم دون 18 ويعدون في قوانين الدول الاسكندنافية “أطفالا”.

وعام 2016 أجرت جمعيات ولجان مختصة سويدية مسحا شمل 110 حالات، وجد على إثره 11 فتاة قاصرة تزوجن قسرا، الأمر الذي اعتبره الخبراء “فشل في تطبيق القانون”.

المصدر : وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock